أخبار وطنية تونس بحاجة إلى رئيس حكومة من الجيش (2)
بقلم: محمد المنصف بن مراد
بعد صدور افتتاحيّتي للأسبوع الفارط واقتراحي على رئيس الجمهورية تعيين وزير أول من الجيش يكون صارما وحازما وحاسما وعادلا، تهجّمت عليّ بعض المواقع الالكترونيّة التابعة للمتشدّدين النهضويين.. وبعد ان اطلعوني على ما كتب، لم أستغرب ذلك ممّن خرّبوا هذه البلاد في محاولة منهم لتدمير الدولة التونسية من خلال غضّ الطرف عن العنف والتخاذل مع الارهاب وتوظيف المساجد واختراق الوزارات وإحكام القبضة عليها إلى تدهور الاقتصاد والتهاب الأسعار وانتشار الأوساخ وانخرام الإدارة! هذا كل ما جنته تونس من حكومة الترويكا بقيادة النهضة.. وأتذكّر أنّي رجوت النّجاح لحكومة الجبالي، وذلك خلال الحوار الذي كانت نظّمته قناة «نسمة» وحضره الباجي قايد السبسي، لكن اخفاقها زادني اقتناعا أنّ أيّ حزب ديني له برنامج يرمي الى أسلمة شعب مسلم، انّما يرتكب خطأ تاريخيا مدمّرا ومضرّا... إنّ هذا الحزب عقائدي ويجهل جهلا تامّا كيف تصرّف شؤون الدولة وتحترم الحريات وتتمّ تنمية الاقتصاد، وأمّا غايته الأساسية فهي فرض نمط اجتماعي متديّن له علاقة سطحيّة بالحداثة والحريات وحقوق المرأة، علما انّ ما وقع في مصر والمظاهرات النسائيّة في تونس والضغوطات الأمريكيّة «الصديقة» أجبرته على مراجعة مواقفه واقتسام السلطة مع نداء تونس! إنّي لم أدع الى أيّ انقلاب لكني اقترحت حلا متداولا في جميع الطبقات والأوساط.
واليوم، وأمام تفاقم الاضطرابات والتهديدات الارهابيّة أصبحت مقتنعا ـ أكثر من أيّ وقت مضى ـ انّ بلادي وبلاد أجدادي وبلاد أبنائي وبلاد كلّ التونسيين لا يمكنها ان تنتصر على الارهاب وتحدّ من الاضطرابات المدمّرة ومن تخريب الميليشيات المقنّعة بالدّين الاّ بوجود رئيس حكومة قوي يكون من أبناء الجيش الوطني حتى لا يخضع للتجاذبات والضّغوطات الحزبية ويكون قائد حرب ضدّ الارهاب والإفلاس الاقتصادي والانفلات الاجتماعي المفرط!
هذا الاقتراح لم يرق لمن تمتّعوا بالسلطة ومزاياها ومنافعها خلال السنوات الأربع الفارطة لأنّه يمكّن من ارساء دولة القانون والمؤسسات والحريات والانضباط أيضا! فكفانا ميوعة وتخاذلا وخضوعا للمصالح الحزبية والإملاءات الأجنبيّة.. انّ تونس بحاجة اليوم الى رئيس حكومة قوي ولكن في الوقت ذاته يحترم الدستور ويتعامل مع كلّ الأحزاب لكنه لا يخضع الاّ لمصلحة تونس وتونس دون سواها! فأنا وبكلّ وضوح أنتقد الأحزاب ولكنّي مع حقّها في النشاط طالما أنّها تونسيّة وتحترم مكاسب المرأة والحريات ودستور الجمهورية.
من جهة أخرى بلغني نعي مدير جريدة الفجر السيد عبد الله الزواري وقد اطلعت على مسيرته، ورغم اختلافي معه على مستوى الأفكار والقناعات فأنا أعترف بأنّ الرّجل جدير بالاحترام لأنّه ذاق الأمرّين وناضل من أجل مبادئه دون عنف.. رحمه الله.